الثلاثاء، سبتمبر 06، 2005

المجانية المزعومة، وآثارها السلبية؟

سأتكلم في هذه الأسطر عن موضوع أثار في نفسي شجونا،ألا وهو مجانية البرامج المصنوعة في بلاد الكفر المحاربة،وأصل نشأة هذا الموضوع هو السؤال عن الملكية الفكرية وحدودها في الإسلام،وهذا الموضوع جديد على الساحة الفكرية الإسلامية، فقد كان أسلافنا العظام ينقلون عن بعضهم البعض وينشرون وينسخون الكتب دون أن يظهر لديهم فكرة الحقوق الملكية التي استفحلت في عصرنا هذا حتى كادت أن تصل إلى الأفكار، وكانت المادية لها دور كبير في نشأة مصطلح الملكية الفكرية، ونحن في هذا المقال لا نريد أن نتكلم عن موضوع الملكية الفكرية في الإسلام فقد تكلمت المجامع الفقهية وأصدرت إجماعات عن هذا الموضوع،ولكن نتكلم عن بعض الأراء التي تجوز استخدام البرامج التي تنتجها بلاد الكفر المحاربة(وهي الآن بلا شك أمريكيا) بالمجان، اعتمادا على أن أموال المحاربين الكفار حلالا ولا يجب عليها ضمان!!
ولكن النظرة المتأملة في هذا الحكم يجد أن الأوضاع تغيرت وتبدلت، ويجب أن تغير صغية السؤال إلى التالي: هل يجوز استخدام أموال وعتاد بلاد الكفار المحاربة إذا كانت هذه الأموال و العتاد يسبب أضرار بالغة بالمسلمين؟؟ وأن استخدام هذه الأموال و العتاد يضعف شوكة المسلمين ويجعلهم في صف اليد السفلى و الكفار المحاربين في صف اليد العليا، ويجعل المسلمين عالة على الكفار المحاربين؟؟ بل يؤدي إلى سيطرة الكفار المحاربين على أسباب القوة؟؟
قد يتساءل القارئ وكيف يحدث ذلك؟ ونحن نستخدم البرامج بالمجان، ولا ندفع فلسا واحدا لهم؟؟!!
أقول إن المسألة ليست في إنك لا تدفع لهم فهم بالطبيعة الحال لم يكن هدفهم أن يربحوا منك أيها القارئ العزيز، بل هم في قرارة أنفسهم يشجعوا على هذا الإعلانات المجانية لهم التي لا تكلفهم أي شيء، ستقول وكيف يكون استخدامي إعلانات مجانية لهم؟؟، المسألة بسيطة لأنك لن تتقن غير أنظمتهم، ودعنا نمثل لك من أرض الواقع، استخدام نظام الويندوز وهو المثال الصارخ على استغلال طاقاتنا و إنهاك خزائننا في آن واحد، المستخدمين المنزليين و الطلاب وشرائح كثيرة من مجتمعتنا العربية ، بل قل كل المجتمع العربي إلا ما ندر يستخدم هذا النظام العجيب!!، وطبعا بالمجان و الكل يعرف كيف يستخدمه و الجميع عمل إعلانات مجانية لميكروسوف، بحيث ترسخ في ذهن العربي أنه لا يوجد نظام آخر يصلح للاستخدام إلا نظام الويندوز العجيب بقدراته و الرهيب بأمانه واستقراره،، طبعا تقول نحن الآن لم ندفع لميكروسوف فلسا واحدا، ولكن دعني أشبه حالتنا هذه بحالة مزارع زرع البذور في الحقل و سقاها بالماء حتى كبرت و أتت بثمار يانعة، وعندما رآها المزارع كذلك قال في نفسه آن موسم الحصاد، فنحن أصبحنا مزارع لميكروسوف، وسنكون في يوم من الأيام ثمارا يانعة للحصاد، إذا لم نكن كذلك بالفعل؟؟ وسندفع شئنا أم أبينا؟؟، وقد دفعنا وما زلنا ندفع على هذا النظام العجيب بقدراته!!
فالحكومات تدفع و الشركات تدفع و الأفراد يدفعون المبالغ الهائلة على التراخيص لأنهم بكل بساطة لا يستطيون أن لا يدفعوا!
فنحن لا نفقه غير الويندوز ولا نبرمج بغير الويندوز ولا نحي بغير الويندوز بل حياتنا وصحتنا وأمننا ومطاراتنا وخدماتنا كلها بدون الويندوز تصبح لا شيء؟؟ انظر كيف أصبح بنا الحال إلى هذه الدرجة الوضيعة من الذل لشركة واحدة من شركات البلاد المحاربة، بل قدمنا أكبر الإعلانات في العالم بأسره بأن درسنا أبنائنا وفلذات أكبدانا منتجات مايكروسوف بحيث لا يعرفون غيرها، يالها من مذلة!!
هذا من أكبر الأثار السلبية لاستخدام برامج البلاد المحاربة بالمجان، وهناك آثار سلبية أخرى لا تقل عن الأولى في الأهمية، فلسفة الاستهلاك، وعدم تقدير حاجات المستخدم، فترانا نتسابق في الانتقال من إصدار إلى إصدار بدون الوقوف وقفة تأمل هل هذا المنتج السابق لا يفي باحتياجاتنا؟؟
ومن الآثار السلبية أيضا أن هذا الباب فتح جشع المستخدمين فعمموا هذا الجواز إلى كل البرامج سواء أكانت من بلاد الكفار المحاربين أو من بلاد الكفار المعاهدين أو من بلاد المسلمين، فلم يسلم المسلمون من هذه المجانية!!
فصار البرامج المسلمين مجانية، مما سبب في ركود الصناعة التكنولوجية والبرمجية، وصار كلما أراد شخص أن ينتج برنامج معين أصيب بالكثير من أسباب الإحباط مما يقعده عن السباق في هذا المضمار الحيوي.
بعد طرح هذه القضية ستقول ما الحل، إذن؟؟
أقول أولا وقبل كل شيء يجب أن نحترم الحقوق الملكية الفكرية لكل شخص أو مؤسسة مهما كانت جهة البلاد التي تنتجها، وخاصة في مجال تقنية المعلومات، ثانيا يجب أن تشمل المقاطعة منتجات أمريكيا نظام الويندوز مهما كلف ذلك من جهود، فأنا ما زلت لماذا لا يدرج نظام الويندوز ضمن منتجات أمريكيا التي تسهم بشكل مباشر في إضعافنا وإرهاقنا المباشر من أجل مصالح أمريكيا و طفلتها المدللة إسرائيل؟؟
ثالثا يجب أن نفتح أعيننا على المصادر الحرة والمفتوحة المصدر فهي خير سبيل لنا لتطورنا واستقلالنا عن أي ضغوط خارجية أو تبعية مباشرة.. فهي تتوفر غالبا بالمجان و تتيح لنا الحرية في توزيعها ونشرها والتعديل فيها، وقد سلك هذا الطريق الكثير من الدول المتقدمة قبل الدول النامية.
يجب أن نعطي نظام اللينكس الفرصة الكافية ليدخل في مناهجنا و عقولنا وخاصة بالتوزيعات العربية التي ظهرت الآن، فهذا النظام يعطينا دفعة قوية نحو التطوير والاستقلالية واحترام ذواتنا وعقولنا..
وفي نهاية هذا المقال، أقول أما آن لنا أن ننهض من جديد و نزيل عن أعيننا غشاوة التبعية لنظام معين بذاته...؟؟
كاتب المقال:فهد بن عامر السعيدي، حاصل على الإجازة العالية في العلوم الشرعية تخصص فقه ودعوة، مهتم بتقنية المعلومات، يتقن عدة لغات برمجية ونصية، برمج عدة برامج من أهمها برنامج كاتب و برنامج محول وبرنامج تحكم.

هناك 15 تعليقًا:

غير معرف يقول...

موضوع مثير
لكن لماذا تستخدم انت مدونات البلاد المحاربة
www.blogger.com

غير معرف يقول...

أليست الجافا ملك لشركة محاربة ايضاً

فهد السعيدي يقول...

أخي الكريم وهل انا عندما أستخدم هذه الخدمات أخالف الحقوق الملكية ، وهل يوجد بديل ؟!
وهل أنا قلت أن استخدام البرامج بلاد المحاربة حرام، بل أنا أعارض أشد المعارضة النظرة القائلة أن برامج بلاد الكفار مجانية

سعدت بنقاشك
تحياتي

Linux Juggler يقول...

صراحة يعني أنا برأيي ما بيجوز إنك تصفون بالكفار ...
يعني هنن على دينون و إنت على دينك ...
قد لا تعجبك أفكارهم أو تصرفاتهم و لكن لا يجب عليه أن تنعتهم بهذا ، فالله أعلم بهم ...
كما تذكر أعد قراءة رسالة الرسول إلى كسرى عظيم الروم ، فهو لم يقل له إلى كسرى الكافر ...
فكما تقول أنك على حق فهم يقولون أنهم على حق ...
و بالنهاية لكم دينكم و لي دين ...
فالاسلام لم يمنع التعامل المادي و التجاري معهم ...
فقد كان اليهود في المدينة يأتمنون الرسول على أموالهم ...

فهد السعيدي يقول...

أخي linux juggler
هذا الكلام ليس من عندي بل عند الفقهاء ، و القرآن الكريم سماهم كفار ، ولكن هذا لا يمنع أبدا أن نتعامل معهم

غير معرف يقول...

الماكرة مايكروسوفت
تريد خداع الصين بتوزيع نسخ مجانية من الأوفيس ،، هذا ما سمعته من هنا


http://www.boingboing.net/2005/09/14/free_chinese_ms_offi.html

فهد السعيدي يقول...

هي عندنا لا تحتاج بالقيام بمثل هذه الحيل ،، لأننا قمنا عنها بالمجان

غير معرف يقول...

تحية طيبة وبعد..
أستغرب استعمالك لمصطلحات تشجع على الإرهاب و الكراهية و أنت تبدع في مجال يشجع أكثر على تقبل الآخر و التعامل معه باللتي هي أحسن
يا أخي نحن هم الكفار ..أنا شاب أسكن مدينة سياحية مغربية و في كل يوم أشاهد بأم عيني ما يقع فيه إخواننا الخليجيين و العرب بصفة عامة من فساد مع فتيات مغربيات ..الكفر موجود في البلاد العربية التي اجتمعت فيها الثروة في أيدي فئة قلة قليلة و دفعت بالتالي الغالبية العظمى من أفراد أمتنا العربية للقيام بالمستحيل من أجل الحصول على لقمة العيش....

فهد السعيدي يقول...

ولكن يجب أن لا ننسى أصلهم ،، و الكفر نوعان كفر نعمة و كفر شرك

وإن شاء الله ساحاول أن أعدل في المقالة لتلطيب الجو...

غير معرف يقول...

بصراحة بعد قراءة المقال اصبت بحالة ضيق من ضيق افق كاتبها, لكن التعليقات اعطتنى امل بعض الشىء!

فهد السعيدي يقول...

هل يمكنك أن تكتب اسمك..

و ما هو الضيق الذي تتلكم عنه؟؟

هل هو الواقع المرير لخيبتنا

غير معرف يقول...

مقال جميل، المجانية المزعومة تخلق نوعا من الاتكال على برامجهم وتنشر ثقافة الاستهلاك فقط دون التطوير.

مثلا، لو توقفت عن استخدام برنامج مايكروسوفت المكتبي لجعلني هذا أنتج برنامجا مشابها له يفي بالغرض، وبهذا تزيد الخبرة والقوة والاستقلالية!

غير معرف يقول...

أود التعليق على التعليقات الجائرة السابقة..


أولا المدعو LinuxJuggler:
أراك تصول وتجول وتفتي بغير علم هنا وهناك بغير حسيب ولا رقيب !

هناك فرق بين الحكم الشرعي على الشخص ودينه وبين مشروعية التعامل معه ومصادقته.

وليس كل أحد يباح لك التعامل معه يجب أن تقول له حكم الشرع فيه.
فكما لا يجب أن تقول عن صديقك المسلم: "يا مؤمن ويا مسلم سأتعامل معك" فالكافر أيضا كذلك.

أما مشروعية التعامل مع الكفار في التجارة والصناعة فيما يجر نفعا على المسلمين فلا أعلم أحدا من العلماء قال بتحريمه.

أما عن حكم اليهود والنصارى الشرعي فهم كفار بنص القرآن والسنة، ومن كذب القرآن فقد كفر.
قال الله تعالى: (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ومامن إله إلا إله واحد…)
وقال: (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم)
وقال: (إن الدين عند الله الإسلام)

أما المدعو سعيد المغربي فهو لا يفرق بين المعصية والكفر ..
فيزعم أن كل زان عاص أنه كافر بالله !

بل كبرت كلمة تخرج من فيه حينما قال: نحن الكفار !!
فأقرّ بالكفر على نفسه بل وعممه على الآخرين !
فما أقبحه من قول.

غير معرف يقول...

بالنسبة لمشاركة حامد سعيد حول ما ذكره أن مايكروسوفت أعطت الصين نسخا مجانية من أوفيسها فأقول:

إن فهمك لنص الخبر غير صحيح، فالخبر يقول أنهم قاموا بعمل أوفيس متوافق مع أوفيس مايكروسوفت.

وهذا ما أكذده لي صديقي في الصين منذ قليل.

غير معرف يقول...

المصرى
برجاء تكون موضوعى فى الرد دون التطرق لمسألة الدين
ثانيا يجب الاهتمام بوضع نظام التشغيل الذى تدعو اليه لينكس فى اسطوانه سهلة لتشغيل للمستخدم العادى وتحت رعاية شركة معلوم مكانها لضمان الدعم الفنى والتحديث والامان والخصوصية
ولا مانع من وجود اكثر من نظام عالمى
للتشغيل بالشروط السابقة
ثانيا انت تتقن لغات برمجة فلماذا تستخدم اللغة الانجليزية فى الزر الى بيرسل التعليق زى ببلش يور كومنت بدلا من كتابه انشر تعليقك وكمان برفيو بدلا من مراجعة
وشكرا